Mtanios Naassy - Harf Zaed
Bazbina, Akkar. 16
April, 2007.
During my stay in Bazbina
during the Easter holiday in April 2007, I met a lot of our friends and
relatives who converge to the village to spend the spring holidays. It
was a great time of the year: coming together in such a beautiful spring
setting with flowers blooming and greenery everywhere. The snow is
glittering from atop the fields of Ain El Sukkar, a clear sky filtering
the golden sun rays and a chilling fresh air. What a change from the
depressing city environment.
It was then I met Mtanios
Naasy and his family who came, as usual, from Beirut to Bazbina to spend
few days in their village with the family. Mtanios presented me with a
copy of his newly signed book under the title "Harf Zaed".
I have posted below Mtanious'
pictures with friends and family. They were taken at the Press Club of
Lebanon in Beirut during the book signing ceremony. Also, I have posted
the first two chapters of the mentioned book together with their English
translation.
Contact
Mtanios at:
+961-3-306312
MNAASSY@hotmail.com
-----------------------------------------------------------------------------------
During the book signing:
Nabil Ghosn, Grace Baaklini, poet Maroun Karam, book author Mtanios
Naassy, wife Liliane Elia Naasy and Youssef Hwayek.
Mtanios Naassy with wife
Lilian and son Ceasar.
من بزبينا
وُلد
مطانيوس قيصر ناعسي (طوني) في "عين يعقوب"، شمال لبنان. عاش طفولته في
"بزبينا" مسقط رأس والدته، ودرس في مدرستها، إلاّ أنَّه لم يُنه المرحلة
الابتدائيَّة فيها بسبب انتقاله والعائلة إلى بيروت. أكمل دراسته في مدرستي
"الجاردن سيتي" و "الحكمة" قبل أن يلتحق بكليَّة الآداب فرع الأدب العربي
في الجامعة اللبنانيَّة.
من كتاباته:
الكلّ
يفكّر والكلّ يحلّل، لكن هنيئاً لمن يستطيع ترجمة ما يجول في خاطره شفهياً
أو خطياً.
فربّ
أفكار وتحليلات قيّمة يكتنفها عقل لا وسيلة أو طاقة لديه للتعبير عنها،
فتحيا فيه، وتموت بموته، ولا يعلم أحد بها، وتلك خسارة ولا أكبر تعاني منها
البشريّة منذ وجودها. فملايين المفكرين زاروا هذه الدنيا ورحلوا عنها من
دون أن ندري بهم، كونهم افتقروا، بطريقة أم بأخرى، إلى وسيلة اتصال ينقلون
إلينا آراءهم بواسطتها.
إنّ ما
نعرفه اليوم من فكر، وأدب، وفلسفة، وعلم، هو عصارة آراء الفصحاء من
المفكّرين وليس آراء كل المفكرين الذين جاد الزمان بهم.
لذا فمن
واجب كلّ من يملك أبسط وسائل التعبير والاتصال، أن يضع أفكاره في تصرّف
غيره من الناس، وأن يترك لهم أمر بتّ جدواها أو عدمه.
فنحن نعيش
اليوم عصراً لا أسوار لمنزله ولا حيطان ولا أبواب. سكّانه مكشوفون على جميع
أنواع العواصف والأنواء الهدّامة، وهم إن لم يتدثّروا باستمرار، وعلى
الدوام، بما يقيهم شرّ ما يرونه ويسمعونه ويشعرون به كلّ يوم، فلسوف يسقطون
ضحايا تلك العواصف والأنواء. فالسمّ بالسمّ يعالج، وفي الداء يكمن الدواء،
لا بدفن الرأس أو الاختباء.
_____________________________________________________
رأي للمفكّر والأديب جورج جرداق في الكاتب وكتاباته:
في قلب
هذا الضجيج الفارغ الذي يجتاح المجتمعات الاستهلاكية حيث تُعهِّرُ
التكنولوجيا العواطفَ وتزيّفُ الطبائعَ لتقدُّمِها تقدُّماً سريعاً لا
يواكبه تقدُّمٌ فكريٌّ وأخلاقي، وحيث يُفسدُ المالُ الضمائرَ ويشوّهُ
مفهومَ الحياة ويميلُ بالمشاعر والتطلّعات إلى ما يُفكّكُ بنْيةَ المجتمع
وما تَبَقَّى فيه من علاقاتٍ طيبة بين الأهلين والأقربين، لا يزال في الناس
مَن يُصغون إلى أصواتٍ داخليّةٍ حميمةٍ تعبّر عن إنسانيةٍ دافئة، وليس
هنالك ما هو أدلّ على هذه الإنسانية من أن يُطلّ الإنسانُ على الحياةِ
الخاصّةِ والعامّةِ مِن أفق الوجدان والإيمانِ بقدسيّة الحياة وتحسُّسِ
آلام الآخرين.
مِن هؤلاء
الناس مَن لا يكتفون بالعطف على الآخرين عطفاً صامتاً وغيرَ فاعل، ولا
يقفون من الصراع بين الخير والشر موقفَ المتفرّج، بل يُفصحون عمّا في
نفوسهم من خلال الكلمات، وقديماً قال شاعر المسرح الإغريقي الأكبر
سوفوكلوس: "بالكلمات سنغيّر العالم ونُصلح ما فَسُدَ من أحواله!".
هؤلاء لم
تقدر عليهم رياحُ التمزّق والغربة عن الذات الإنسانية، وقد ملأهم الحنين
إلى عالمٍ صادقٍ طاهرٍ يشعر فيه الإنسانُ بأنَّ سعادته لا تكتمل، بل لا
تكونُ أصلاً، إلاّ بسعادة الآخرين، ومنهم أبطال هذه الرواية الذين تتّقد
فيهم المشاعر الكريمة فلا يحيا بعضهم إلا بحياة بعضهم الآخر. أمّا المؤلف
فيبدو، مِن خلال هذه الرواية، أنّه من أصحاب المروءات الذين يتملّكهم ميلٌ
جارفٌ إلى تحقيق إنسانيتهم بتعظيم القيَم الأخلاقية والدعوة إليها، وبالكشف
عن الجمالات الإنسانية في مسيرة أهل المودّة والوفاءِ والرحمة.
نعم، في
وسط هذه الضوضاء العشوائية التي تحاصر المجتمعَ مِن كل جانب وتدعوه إلى
الاسترسال في الغواية والضلال، يرتفع مِن خلال الكلمات صوتُ المؤلف
"مطانيوس ناعسي" مشحوناً بمشاعر ساميةٍ تتمثّلُ بسيرة أبطال هذه الرواية،
فإذا كل منهم ينطلق بأقواله وأعماله من أَصالةٍ إنسانية لم يتمكّن طوفان
المفاسد من إغراقها في أمواجه الطاغية، وإذا هم عائلةٌ إنسانيةٌ أشبهُ
بياسمينةٍ أغصانُها تتشابك وأوراقُها تتباوس وأريجُها يعطّر الفضاء، وإذا
ما يرويه المؤلّف عن أبطال روايته في هذا الزمن الجافّ أشبهُ بسحابة فوق
أرضٍ قاحلة.
يبدو
لقارئ هذه الرواية أن المؤلف كتَبَها بدافعٍ إنسانيّ خالص، لا لمجرّد
الرغبة في أن يكتب روايةً أو ينشر كتاباً يحملُ اسمَه كما هي الحال لدى
الكثير الكثير من أصحاب المطبوعات في هذه الأيام. وعلى الرغم من أنه لم
يحترف الكتابة قبل الآن، تراه في هذه الرواية بارعاً في تصوير الحالات
الداخلية التي يحياها أبطال حكايته، قدر ما هو بارع في وصف المرئيات
الخارجية، المتحركة والجامدة.
وعلى هذا،
نأمل أن يمتعنا "مطانيوس ناعسي" بمزيد من الروايات والأقاصيص وهو أهل لذلك.
جورج جرداق
-----------------------------------------------------------------------------------
الفصل الأول
استرخيا
على كنبة وثيرة وذراعه تطوّق عنقها العاجي بحنان، ويده تمسّد خصلات من
شعرها الحريريّ الأسود التي انسدلت على أيسر صدرها.
-
أما زلت تحبّني؟
-
أكثر من أي وقت مضى.
-
بعد كلّ تلك السنوات؟
-
بعد.. كلّ.. تلك.. السنوات.. نعم.. قال "فادي" بكلّ ثقة.
-
وكيف ذلك؟!
-
ما يُبنى على صخر، وهو صخر، يصمد في وجه العواصف والأنواء فيصبح الدهر له
حارساً، والزمان خادماً.
-
أتعتقد ذلك؟
-
نعم... فعلاقتنا بناء شيّده العقل، بحجارة المنطق، فوق صخور الحب.
-
كلامك شاعري وعذب كالعادة أيّها المحتال.
-
أنا محتال؟!
-
وفنّان في ذلك أيضاً. قالت "لينا" وهي تضحك.
-
أف! ألهذه الدرجة؟
-
طبعاً! وكيف لا؟ وحبّي لك يزداد يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة، فينمو ويشبّ
في جوارحي نمو شجرة مثمرة في أرض خصبة؟ فمنذ ثماني سنوات تعرفت إليك، وها
أنا حتّى اليوم لا أعرف له مراوحة أو تراجعاً! أفلا تكون محتالاً بتحقيقك
ذلك؟
-
لا، لا، لا، ساحرٌ فقط.
-
متواضع! و"الله" متواضع!
قالت ذلك
وهي تقرصه في بطنه، لينتفض متألماً ضاحكاً ملء فمه، محاولاً منعها من فعل
ذلك مرة أخرى وهو يقول:
-
لا يمكنني أن أكون دائم التواضع أمامك!
-
ولماذا يا ترى؟ أفهمني يا فيلسوفي العزيز.
-
حفاظاً على التوازن بيننا!
-
توازن ماذا أيها الثعلب؟
-
القُوى!
-
القوى؟
-
في السّحر.
-
مهرّج.
-
لا لست مهرّجا. فالرجل في حضرة ساحرة مثلك، عليه أن يرفع من شأن نفسه
بإلقائه الضوء على مزاياه، ولو بدا ذلك وقحاً بعض الشيء. حفاظاً على
التوازن لا أكثر...
-
محتال ومهرّج.
-
عظيم، إذا أكملنا على هذا المنوال سننتهي إلى لائحة صفات غير مشرّفة لا
نهاية لها.
-
لا مانع عندي.
قالت ذلك
وحاولت قرصه مرة أخرى في بطنه، لكنّ يده منعتها من ذلك، فغافلته يمناها
وبسرعة محققة واحدة خاطفة في فخذه الأيسر صرخ لها صرخة اخترقت الجدران
وتبعتها قهقهات من الاثنين طرب لها الأثاث من حولهما، وردّدت صداها الحيطان
البكماء قبل أن تستطرد "لينا" قائلة وبجدّية هذه المرة:
-
"فادي" أشعر بنفسي جاهزة للإنجاب!
-
ما... ماذا؟! أتعنين ذلك يا حبيبتي؟!
-
وللتفرّغ لتربية الطفل أيضاً!
-
لا أصدّق ما أسمع!
-
بلى، صدّق.
-
لكن، وحتى
الأمس
القريب كنت تستمهلين، وتماطلين، وتتحاشين كل محاولة مني في هذا الصدد...
أما كنت
تقولين: لا أريد أن أقسم قلبي بين حبيبين؟ ولا أريد أن أهتم بولدي على حساب
اهتمامي بزوجي؟ ولن أنجب قبل أن أفرغ من تربية ولدي الكبير، وأطمئن إلى
استقرار عواطفه؟ وأنه يجب أن نتمتّع بحريتنا أطول وقت ممكن قبل أن نصبح
مسؤولين عن طفل نأتي به إلى هذه الحياة؟
-
بلى، لكنّني وبعد أن مضى على زواجنا سنتان تقريباً أعتقد أن الوقت قد حان
لمناقشة الأمر بجدية،
وبخاصّة
بعد حوارنا الأخير حول المفاجآت غير السّارة التي تحملها الحياة في جعبتها
معظم الأحيان، وقانا الله شرها.
-
حبيبتي هذا أجمل ما سمعته منذ زمن.
قال ذلك
وقبّلها قبلات حارة على رأسها الذي ما زال مرتاحاً إلى صدره واستطرد:
-
هل يعني ذلك أن ننهض الآن ونذهب إلى الفراش لنبدأ المحاولات؟
-
محتال، ومهرّج، وغبيّ أيضاً؟ قالت وهي تضحك.
-
ماذا الآن؟
-
ألا تجيد الحساب؟
-
أف، بلى، لن تنفع المحاولة اليوم؟
-
لا لن تنفع، يؤسفني أن أبلغك أنّه عليك أن تنتظر أياماً قبل أن تبدأ
محاولاتك لنرى مدى خصوبتك.
قهقها
معاً من جديد قبل أن يقول "فادي" بخبث:
-
لكننا نستطيع أن نتمرن ما دمت لم تدخلي بعد تلك الفترة الصعبة.
-
ممكن.
فراح ينهل
من شفتيها ما استطاع من رحيق، وهو ينزع عنها ملابسها الخفيفة ليظهر تحتها
ما فاق جماله كلّ تعبير ووصف، وحولهما الملائكة يرقصون ويشجعون الزوجين على
غرف ما طاب لهما من لذّات.
بعد ساعة
أطفأت النشوة خلالها نار الشهوة التي استعرت بينهما أكثر من مرّة، قالت
"لينا" وهي تلتقط أنفاسها المتقطعة:
-
كان ذلك رائعاً!
-
فعلاً!
-
أعتقد أن هذا التمرين مفيد إذا ما كرّرناه بضع مرات خلال الأيّام القليلة
المقبلة، ألا تعتقد؟
-
لا شكّ في ذلك... لا شكّ أبداً في ذلك، فحسن التنفيذ يساهم في إنجاب نوعيّة
أطفال أفضل.
ضحكا
كثيرا من سخافة الفكرة الأخيرة إلى أن أقفلت ثغريهما قبلة ساخنة تبادلاها
تعبيراً عن مدى امتنان كلّ منهما على ذلك الوقت الحميم والجميل الذي أمضياه
معاً قبل أن يقول "فادي":
-
حبيبتي، غداً سنلبّي دعوة "آل ماضي" إلى العشاء، أليس كذلك؟
-
طبعاً؟
-
وماذا سترتدين للمناسبة؟
-
سأرتدي فستاناً أحمرَ طويلاً يبرق كعينيكَ الجميلتين.
-
إذن ليكن الله في عون من يراكِ غداً.
-
حقاً؟
-
جمال على جمال! سحر على سحر! تألق على تألق! هذا يفوق قدرة الكثيرين على
الاحتمال من نساء ورجال! صدّقيني، أحياناً، عندما أراقب عيون الناس الحاسدة
لك والراغبة فيكِ، أشعر بالاشمئزاز والاعتزاز معاً، فما رأيك في هكذا حالة؟
-
م م م م تشخيصي لمرضك بعد طول تحليل يقول إنك تعاني من داء الغيرة، و"ضيق
العين"، والأنانية، وهذه الحالات ميؤوس منها وهي غير قابلة للشفاء.
-
شكراً لك. طمأنتني أيتها الطبيبة النفسيّة البارعة. أنصحك بالرسم فقط فهو
اختصاصك، وبعدم التعدّي على مجالات الآخرين.
-
ألم يعجبك تشخيصي يا حبيبي؟ أو أنّك لمست فيه واقعاً تودّ أن تتجاهله؟
-
لا هذا ولا ذاك، فقط ثابري على الرسم وابتعدي عن الطب،
“OK”؟
-
“OK”.
يا مريض جمالي.
-
مدَعية!
-
"بيلبقلي".
-
أمر لا أشكّ فيه. نخرج غداً إلى العشاء، "بالفيراري" الحمراء؟
-
نعم. "فادي"، هل تذكر أننا مدعوان إلى عشاء آخر بعد يومين؟
-
أيّ عشاء؟
-
عشاء الجمعية لهذا العام، العام "1990"، أنسيت؟!
-
آه صحيح.
-
سنذهب أليس كذلك؟
-
طبعاً. لا يمكنني التخلّف عن مناسبة كهذه كما تعلمين.
-
أكيد، فهو عشاء خيري، سأرتدي لتلك المناسبة فستاناً... م م م م أبيضَ، ما
رأيك؟
-
عظيم فليكن الله أيضا في عون أولئك الذين سيكون لهم شرف رؤيتك بينهم.
-
كفى هراء ومزاحاً وهيا بنا لننام.
-
تعديني إذاً أن نبدأ محاولات حثيثة سعياً لأن تحملي بطفل بعد طول انتظار؟
-
إن شاء "الله".
-
يا إلهي، أنا سعيد جداً لقرارك هذا.
-
وأنا أيضاً، تصبح على خير يا حبيبي.
-
وأنت بألف خير يا حبيبتي.
وأغمضا
عيونهما بعد أن تلامست شفاههما بقبلة أخيرة ليستسلما لنوم هانئ وعميق.
تخطّت
الساعة الخامسةَ عصراً، موعد مغادرته المكتب، وهو يستقبل ويودع زوّاره دون
كلل أو ملل أو تذمّر، إلى أن رنّ جرس الهاتف فرفع السماعة وقال:
-
ألو
-
حبيبي، تأخرت! الساعة تجاوزت السادسة والنصف مساء!
-
عذراً، عذراً حبيبتي سرقني العمل، سأترك المكان الآن لأصل إليك خلال نصف
ساعة.
-
حسناً "فادي"، لكن رجاء قُد بروية.
-
وهو كذلك، إلى اللقاء.
توجّه نحو
المنزل فبلغه كما وعد زوجته، فاستقلا "الفيراري" الحمراء، بعد أن استحمّ
وبدّل ملابسه على عجل، وانطلقا.
تألقت
"لينا" ذلك المساء بفستانها الأحمر تألق الياقوت. وأسر "فادي" الحضور إلى
جانبها بقامته المديدة وطلّته البهية، وحديثه اللبق، فكان ذلك العشاء
مناسبة رائعة، لقيا فيها كل الحفاوة والاهتمام. لا بل كانا محطّ أنظار
وإعجاب جميع الموجودين حيث تركا في قلوبهم أبلغ الأثر، لما زرعه الله فيهما
من خصال حميدة، ولما وهبهما من جمال ومالٍ، وعزّ، وجاه.
عادا إلى
منزلهما، ومارسا الحب وهما يضحكان من فكرة التمارين المفيدة للحمل قبل أن
يناما ملء أجفانهما.
عصر اليوم
التالي تأهّب "فادي" لترك المكتب بعد أن أمضى فيه يوماً ناشطاً وحافلاً
بالعمل وإذ بجرس الهاتف يرنّ.
رفع
السماعة وقال:
-
ألو نعم.
فطالعه
صوت "لينا" يسأله بعذوبة مفرطة:
-
"فادي" حبيبي هل ستتأخر اليوم أيضاً؟
-
ملاكي، كنت على أهبة الانصراف، فلن أترك سيدة رائعة الجمال تنتظرني وحيدة
لأغرق نفسي في أعمالٍ أو انشغالاتٍ تافهة كما فعلت البارحة.
-
م م م م أنت محقّ فمن يفعل ذلك معتوه دون أدنى شك، أليس كذلك؟
-
طبعاً، طبعاً، أجاب ضاحكاً.
-
حسناً، سأكون بانتظارك.
-
مسافة الطريق وأكون في حضنك، عفواً، في المنزل، بإذن الله، وسيكون لدينا
الوقت الكافي لنحتسي معاً فنجان قهوة قبل أن نخرج إلى العشاء،
“OK”؟
-
“OK”...
-
على فكرة حبيبتي، أطلبي من "أبو سمير"، لو سمحت، أن يجهّز المرسيدس البيضاء
"الكوبيه" ما دمت سترتدين فستاناً أبيضَ، ما رأيك؟
-
من قال إنني سأرتدي ثوباً أبيضَ؟
-
أنتِ فعلتِ أول البارحة، هل نسيتِ؟!
-
يا إلهي، هذا صحيح، لقد غاب الأمر عني كلياً.
-
للأسف خرف مبكر جداً، قال ضاحكاً.
-
ماذا قلت أيها المحتال؟
-
لا شيء، لا شيء، قلت فقط، إن ذلك قد يكون خرفاً مبكراً.
-
حسناً، سوف أريك قيمة نفسك فور وصولك إلى هنا.
-
أصبو إلى ذلك يا عزيزتي وإلى ما سألقاه من لذيذ العذاب بين يديك، قال
بتهكّم.
-
بائع كلام شاطر.
-
أنا بائع كلام؟
-
ومتمرّس في ذلك أيضاً.
-
سامَحَكِ الله، أعتقد أن تمارين الإنجاب التي نمارسها تؤثر على ذاكرتِكِ
فتجعلك تنسين بعض الأمور.
-
كفاك ثرثرة. هيا أقفل الخط وانطلق، لكن قد بروية، هل تسمع؟
-
حسناً. لا تنسي "أبو سمير"، عليك أن تفهميه بوضوح أننا نريد لسهرة الليلة
المرسيدس.. البيضاء.. "الكوبيه".. وليس غيرها، فقط طعن في السنّ ولم يعد
يميّز بين "الدابة والدبابة" ويرفض أن يتقاعد ويرتاح كي لا يتركني وحيداً،
فهو على حدّ قوله لم يفارقني يوماً منذ فتحت عيني على هذه الدنيا، ولن يفعل
وفي صدره بقايا رمق، وفي جسده بقايا عزم. والأغرب، أنه لا يقبل معاوناً لأن
ذلك وحسب زعمه هدر للمال لا طائل منه، وأنا لا أريد كسر خاطره، لذلك أرجوك
أن تتأكدي وعلى طريقتك، أنه فهم عن أية سيارة نتكلم، وإلا ستجدين واحدة
أخرى في انتظارنا.
-
حسنا، إلى اللقاء.
-
إلى اللقاء حبيبتي.
أقفل
الخط، وحمل حقيبته، وهمّ بترك المكتب، فاستوقفته سكرتيرته قائلة:
-
أستاذ "فادي"، لديّ طلب لو سمحت.
-
تفضّلي منى.
-
أمي مريضة، وعليّ أن أرافقها بعد غد إلى المستشفى، فهل هذا ممكن؟
-
طبعاً، لكن خير إن شاء الله... ما بها؟
-
لم نعلم بعد، إنّها تعاني منذ أيام آلاماً في المعدة، لذلك طلب الطبيب
إجراء بعض الفحوصات.
-
فلتحلّ "عبير" مكانك بعد غد، وأتمنى لوالدتك الشفاء العاجل. أنقلي لها
تحياتي، لا تنسي.
-
طبعاً، طبعاً، شكراً لك يا أستاذ، شكراً لك.
-
لا شكر على واجب يا منى، إلى اللقاء.
-
إلى اللقاء... قالت قبل أن تتمتم:
-
إلهي كم هو ساحر وجذاب هذا الرجل فهنيئاً لزوجته به. ربي ضع شخصاً مثله في
طريقي يحبّني ويتزوّج بي. أنعم علي بشريك حياة ينتشلني بحبّه من رتابة
أيامي، وبماله من فاقتي.
هذا ما
كانت تتمناه "منى" وهي تودّع بنظرها من تعتبره زينة الرجال، وقبلتهم، وهو
يغيب خلف الباب مغادراً.
استقلّ
"فادي" سيارته الـ "ب أم دبليو" وانطلق بها، ودعاءات "عبدو"، الرجل المسكين
الذي ينتظره يومياً في المرآب طمعاً ببعض المساعدة الماديّة تلاحقه،
وتتناهى إلى مسامعه وهو يطلب له من العليّ القدير الصحّة وطول العمر.
-----------------------------------------------------------------------------------
الفصل الثاني
انعطف
بالسيارة يميناً تاركاً الطريق السريع وراءه وبدأ تسلّق الجبل في طرقات
متعرّجة وضيّقة تكثر فيها المنعطفات الخطرة.
كان الطقس
ممطراً، والطرقات زلقة، والليل الشتوي الطويل قد أرخى سدوله السوداء على كل
مكان، عندما طوى "فادي" تلك المسافات ذلك المساء نحو "فيللته" الرابضة
بهيبة وجلال على إحدى القمم، واحدة من كثيرات غيرها تحتلّ هامات ذلك الجبل
الأشم.
كانت
الشاحنة تهبط الجبل نزولاً نحو الساحل وقد خرجت سرعتها عن كل سيطرة،
وسائقها المخمور يترنح ويتمايل في مقعده خلف مقودها تفاعلاً وطرباً مع
الموسيقى التي صدحت من الراديو، وقد ضعف تركيزه وشلّ تفكيره تحت تأثير
الخمر ويده تقبض على عنق زجاجة "الويسكي" التي بات نصفها الفارغ في جوفه.
أما
"فادي" فكان يقترب بسيارته من المنعطف نفسه، وهو يقود باتّزان ووعي كما
أوصته زوجته عبر الهاتف في آخر حديث لهما.
وكان
القدر هناك في مكان ما يقيس المسافة بين العربتين بالأمتار والثواني، ويدرس
سرعة الهواء، وكثافة المطر، وعرض الطريق، ومعدّل الرؤية، وفاعلية مصابيح
المركبتين، وإطاراتهما، ومكابحهما. يدرس كل شيء ويتدخل في كل شيء، حتى في
نوعية الموسيقى التي طرب لها سائق الشاحنة الأرعن.
خطّط
القدر كل ذلك لضمان وقوع الحادث الذي أهدر على تدبير ظروفه المؤاتية
وتوقيته المناسب، جهداً كبيراً.
أفلا
تكفيه تدخلات العناية الإلهية، التي لطالما منعت حدوث ما يجب أن يحدث
لأسباب لا يفهمها، وحكمة لا يدركها، خلال الأزمنة والعصور الغابرة والسنوات
الماضية؟
بلى،
تكفيه تلك التدخلات، ولن يسمح للمفاجآت بإعاقة مهمته، بعد أن توافرت
العناصر المطلوبة لحادث مميّز.
لذلك وقف
بقلق عند ذلك المنعطف، ينتظر بنفاذ صبر اللحظة الحاسمة وهو يتلو عكسيّاً:
"تسعة،
ثمانية، سبعة، ستة، خمسة، أربعة، ثلاثة، اثنين، واحد...
ممتاز!
حادث ولا أروع ! "
فالشاحنة،
بعد أن صدمت السيارة وداست بإطارها الأمامي الأيسر غطاء محرّكها والزاوية
الأمامية اليسرى لسقفها، انقلبت على جانبها الأيمن مندفعة نحو حاجز الحماية
إلى جانب الطريق، مخترقة إيّاه، لتهوي إلى الوادي السحيق حاملة معها سائقها
المخمور إلى الأبديّة وقنينة "الويسكي" في يده.
أما سيارة
"فادي، فبقيت إلى الجهة اليمنى من الطريق مدهوسة "مهروسة" وهو في داخلها،
أصابه ما أصابها، هي التي بدت للناظر علكة بصقت هناك بعد طول مضغ.
كم هو
عابث وماجن ذلك القدر المجنون المكلّف بتنفيذ ما هو مقدّر ومكتوب وبشكل
مبالغ فيه في كثير من الأحيان.
فهو
الجندي الذي يحتلّ رقعة أرض معادية تنفيذاً لأوامر مرؤوسيه، فيشنّع في
سكانها العزّل دون أن يضيف شيئاً إلى نصره إلا ما شحن في داخله من ظلم
وظلام وشر.
هو
الجلاّد الذي ينفّذ أمر الجلد بأحدهم فلا يتوانى عن استعمال أقصى قوّة في
ساعده كي تترك ضربات سياطه على جسد المحكوم أعمق "الثلوم" النازفة، وأوسع
الأخاديد الدامية، ليروي بذلك ظمأ نفسه إلى الدماء، وشوق أذنيه إلى صرخات
الألم، بحجّة أنّه ينفّذ الأوامر. هو القاتل المأجور الذي ينفّذ حكم
الإعدام في نفس بريئة، فينكّل بها، ويتفنّن في قتلها، ليس تنفيذاً للأمر
كما صدر، بل تنفيساً لبعض الغضب الأعمى الذي يسكن صدره وعقله.
هو من
يحمل كلّ القبح وكلّ الجمال. وجهان لعملة واحدة غايتها التلاعب بكل حياة
وجماد.
فرغت جعبة
"لينا" من الأعذار المطمئنة التي كان تهدئ النفس بها، فنهشها القلق والخوف
من حدوث مكروه لزوجها وهو في طريقه إليها، والساعة قد تجاوزت الثامنة
والنصف ليلاً ولم يصل بعد. هي التي تبرّجت وتزيّنت، وارتدت فستانها الأبيض،
وجلست تنتظره منذ أكثر من ساعتين بدتا لها دهراً لا ينتهي، وكانت على حق في
قلقها وخوفها، "ففادي" وقع له مكروه... وأي مكروه.
كانت تجهل
حينها حجم الانقلاب الذي حصل، أو حجم الكارثة التي حلّت.
كانت تجهل
هول المصيبة، وحجم العاصفة المدمّرة التي هبّت.
كانت تجهل
أن أحلامها تبخّرت في لحظة، وسعادتها دكّت في ومضة.
إلى أن رن
جرس الهاتف، فهرعت إليه ورفعت السمّاعة قائلة بلهفة:
-
ألو نعم.
-
آلو، منزل آل "المجد"؟
-
نعم من المتكلم؟
-
عامل هاتف مستشفى الساحل يا سيدتي، من معي على الخط؟
-
أنا... أنا السيدة "المجد"، ما... ما... الأمر؟
-
سيدتي حضرتك زوجة السيد "فادي المجد"؟
-
نـ... نـ.... نعم.
-
زوجك هنا في المستشفى إثر حادث سير. أحضروه إلينا منذ قليل وأخشى أنّه في
حالة الخطر الشديد فأرجو حضورك على جناح السرعة.
-
خطر... شديد... يا إلهي... ك...؟
لم ينتظر
عامل الهاتف سؤال "لينا"، فاقفل الخط وفتح غيره مع آخرين من أهل المرضى
والمصابين، فلائحة بلاغاته للّيلة طويلة وحافلة عليه أن ينهيها في أسرع وقت
ممكن. ولا مجال لإطالة الحديث مع المنكوبين عموماً، ولا لمؤاساتهم، "فما
على الرسول إلا البلاغ". معذور أليس كذلك؟
هرولت
"لينا" إلى خارج المنزل رافعة بأطراف أصابع يديها فستانها الأبيض الطويل
الذي يلامس الأرض، وهي تصرخ بصوت مذبوح مخنوق ومتهدّج:
-
"أبو سمير" "أبو سمير" المفتاح يا "أبو سمير"، أين أنت؟ مفتاح السيارة يا
"أبو سمير"، أين أنت؟ المفتاح، المفتاح...
-
ظهر الرجل العجوز من خلف باب المرآب وهو يهرول نحوها وفي يده فوطة كان
يلمّع وينظّف بها إحدى السيارات وإمارات القلق تعلو وجهه، ووطأة السنين
تعيق سرعته، وهو يقول:
-
ما بالك يا ابنتي، خير؟
-
المفتاح يا "أبو سمير" المفتاح هيّا أسرع.
-
ماذا هناك يا ابنتي، أخبريني؟ قال ويداه في جيبي بنطاله تبحثان عن مفتاح
السيارة البيضاء "الكوبيه".
-
"فادي" يا "أبو سمير" حبيبك "فادي"... يا الهي لا أصدق.
-
ما به يا سيدتي، تكلمي؟ قال "أبو سمير" وهو يناولها المفتاح.
-
حادث... حادث... وهو في خطر، يا الله ارحمنا. ارحمنا.
-
حادث... خطر... "فادي"؟ يا الهي، نجّنا يا رب! نجّنا يا رب!
انطلقت
بالسيارة كالسهم، و"أبو سمير" يمطرها بالدعاءات، ودموعه على خديه، دموع رجل
خبر الحياة سبعين عاماً، وقد تكون هذه أكبر مصيبة يشهدها، "ففادي" أقرب إلى
قلبه من ابنه "سمير"، ولا شك لديه في ذلك، ولطالما كان الأمر هكذا.
تجاوزت
"لينا" السيارة المحطمة دون أن تلحظها، التي كان قد ركنها رجال الدفاع
المدني قرب الصخور إلى جانب الطريق، فالدموع التي كانت تنهمر من عينيها
لتمسحها تارة بيمناها وطوراً بيسراها وهي تقود، كادت تفوق بغزارتها كمية
الأمطار التي كانت ماسحتا الزجاج الأمامي للسيارة تزيلها عنه في بعض
الأحيان. بلغت المستشفى في وقت قياسي وراحت تركض في أروقتها بحثاً عن غرفة
الإنعاش والعمليات حيث "فادي"، وكان صوت وقع خطواتها وهي تنتعل حذاء السهرة
يعلن لسامعه نوع السباق الذي كان بينها وبين الوقت.
اجتازت
الرواق العريض والطويل، وبلغت الباب الكبير ذي المصراعين، فاندفعت إليه
وحاولت فتحه... لكنّه كان موصداً. قرعته بيدها... لا مجيب.
حاولت
مرة... واثنتين... وثلاث مرات بإلحاح وعصبية... لا مجيب...
استدارت
لتعود إلى مركز الاستعلامات وقد اعتقدت أنها أخطأت الطريق، أو الغرفة، أو
الاثنين معاً، فرأت رجلاً بملابس بيضاء من رأسه إلى أخمص قدميه، يدفع
بحمّالة شاغرة إلا من بعض الملاءات المطويّة بعناية، فهرعت إليه قبل أن يصل
إليها قائلة.
-
سيدي هل خلف ذلك الباب قسم الإنعاش والعمليات؟
-
نعم سيدتي.
-
هل خلفه يعالجون الرجل الذي...؟
-
آه، الرجل الذي صدمت الشاحنة سيارته؟
-
شاحنة؟!
-
نعم. مسكين. هو محطّم شر تحطيم. لكن من حضرتك؟
-
من أنا؟ أنا المسكينة، أنا المنكوبة، أنا زوجته.
قالت ذلك
وهي تلطم خديها بكفيّها حيناً، وتجذب شعرها بيدها بعصبية حيناً آخرَ، قبل
أن تتهالك على أحد الكراسي المصطفّة إلى جانبي الرواق.
-
آسف سيدتي.
-
هل ستدخل إلى قسم العمليات الآن؟
-
نعم.
-
لقد قرعت الباب، ولم يفتحوا لي.
-
ألم تقرعي الجرس؟
-
أي جرس؟
-
هذا الذي قرب الباب، على الحائط الأيسر.
-
لم أره، لم أره.
-
على كل حال، لا يمكنك الدخول إلى هناك، قال وهو يقرع الجرس.
-
أرجوك، دعني أدخل معك لأراه، ولو لدقيقة.
-
مستحيل يا سيدتي، مستحيل.
-
أرجوك...
-
سيدتي... ممنوع منعاً باتاً، وأنصحك ألا تفعلي ولو وجدت سبيلاً إلى ذلك
فحالته تفوق قدرتك على الاحتمال. لكن اطمئني، فالأطباء الذين معه في الداخل
من خيرة أطباء البلاد ولن يوفّروا جهداً في سبيل إنقاذه.
-
يا الهي.
انفرج أحد
مصراعي الباب الكبير فدخله الممرّض مع حمالته الشاغرة دون أن يسمح "للينا"
بالدخول معه، فتهالكت على أحد الكراسي باكية، وصوت نحيبها تردده حيطان ذلك
الرواق الكبير الفارغ، ليختلط بصراخ تناهى من غرف بعيدة تعجّ بالمرضى
والمتعبين وبآلامهم ومآسيهم.
جلست على
ذلك الكرسي ساعتين وحيدة، ممرّضون خارجون، أطبّاء داخلون، أطبّاء خارجون،
ممرّضون داخلون، أطبّاء وممرّضون خارجون، ممرّضون وأطبّاء داخلون... ولا
أجوبة!
-
هل سيحيا؟
-
لا نعلم
-
هل سيموت؟
-
الأعمار بيد الله.
-
ماذا تعتقدين أيتها الممرضة هل سينجو؟ أيتها الممرضة... أيتها الممرضة...
-
مسكين. قالت وهي تهرول مبتعدة عنها.
-
استحلفكَ بالله أن تطمئنني، هل هناك بريق أمل حضرة الطبيب؟
-
لا أستطيع أن أعدك بشيء سيدتي فوضعه صعب، صعب. داخلون خارجون، خارجون
داخلون. وجوه باهتة، وجوه مكفهرّة، وجوه صفراء، وجوه ذابلة. لكن، لا وجوه
واعدة. فقط بضعة وجوه ضاحكة من نكات يتبادلها أصحابها فيما بينهم، وهم
يدخلون، ويخرجون. أولئك هُمُ الذين أضحت رؤيتهم للدماء تقليداً، وللأجساد
الممزّقة روتيناً.
فأمست
قلوبهم حديداً، ومشاعرهم صخوراً، وعواطفهم إسمنتاً.
تأرجح
"فادي" بين الموت والحياة في غيبوبة دامت ستة أسابيع كاملة كانت خلالها
الآراء والتقارير الطبية تتضارب.
فأجريت له
عمليات جراحية عديدة إثر عودته منها، وطالت إقامته في المستشفى لتبلغ
ثمانية أشهر كاملة، ثمانية أشهر من العذاب والألم والقلق له، ولمن حوله،
وبخاصة لزوجته التي لم تكن تفارقه، والتي كانت تتلقى يومياً التقرير تلو
التقرير، والتشخيص تلو التشخيص، خالية من أي بريق سعيد أو أمل بعيد ما عدا
الوعد بأن "فادي" سيعيش! لكن كيف سيعيش؟ هنا السؤال.
عاد إلى
منزله برفقة زوجته خيالاً للرجل الذي كان، وظلاًّ لمن تمتّع حتى الأمس
القريب بكل صحّة وعافية وشباب. عاد ومعه تقرير فيه خلاصة نهائية لحالته
وتوصيف دقيق لها يقول:
السلبيات:
1 – تلف
جزئي في الدماغ!
2 – عامود
فقري محطّم!
3 – جهاز
عصبي ميت!
الايجابيات:
1 – حاسة
النظر: سليمة!
2 – حاسة
السمع: سليمة!
3 – حاسة
الشم: سليمة!
4 – حاسة
الذوق: سليمة!
5 –
العقل: سليم!
6 – أعضاء
داخلية: سليمة!
النتائج:
شلل كامل
على مستوى الجسد كلّه.
النطق حشرجة غير مفهومة.
-----------------------------------------------------------------------------------
A
LETTER TOO MANY?
By
Mtanious Naassy
Chapter I
They rested on a soft
sofa, with his arm wrapping her ivory neck with affection, and his hand
caressing the locks of her silky black hair streaming off her left
breast.
-
Do you still love me?
-
More than ever.
-
After all these years?
-
After…all…these…years… YES, Fadi replied confidently.
-
How come?!
-
What is built on rock is rock-solid. It resists all storms and
disasters, turning Time into its guardian and Life into its servant.
-
You think so?
-
Yes… our relation was erected by reason with the bricks of logic, on the
rocks of love.
-
Your talk is romantic and smooth, as usual, witty boy!
-
Me… witty?!
-
Pro…, Lina said laughing.
-
Waw! That much?
-
Sure! Why not? and my love for you grows by the day and by the hour in
my senses like a fruit tree on a fertile soil? I met you eight years ago
and my feelings don’t know marking time or regression! So are you not
witty for achieving this?
-
No, no, no, I’m only charming.
-
Humble! Definitely humble!
While she said that,
she pinched him in his tummy, so he quivered in pain and screamed with
laughter, trying to prevent her from doing it again, and saying:
-
I cannot always be humble in front of you!
-
How come? Explain it to me my dear philosopher.
-
To maintain the balance between us!
-
Which balance, my little fox?
-
The balance powers!
-
Powers?
-
Charm powers…
-
Clown!
-
I am no clown. In presence of a charming lady like you, a guy has to
shed the light on his own virtues, even if he may seem a little bold…
merely to maintain the balance…
-
Witty and clown.
-
Great, if we go on like that, we will end up with a never-ending list of
undignifiying adjectives.
-
I do not mind.
She said that while
she tried to pinch him again in his stomach, but his hand prevented her
from doing so. Then her right hand took him by surprise, pinching him
quickly in his left thigh, giving rise to a loud scream that broke
through the walls, followed by giggles that enraptured the furniture and
were echoed by the dumb walls. Then Lina said on a serious tone this
time:
-
Fadi, I feel I am ready to have children!
-
Whh…what?! Do you mean it, honey?
-
And to dedicate myself to raising a child also!
-
I can’t believe what I just heard!
-
Believe it!
-
But, until the near past, you were drifting and postponing, avoiding
every attempt on my behalf in this respect…
Didn’t you use to say:
“I don’t want to share my heart between two loves”? “I do not want to
take care of my child at the expense of my husband”? And “I will not
have a child before I finish raising my elder boy, and before I make
sure of the stability of his feelings”? And that “we should enjoy our
freedom as long as possible, before we become in charge of a child we
bring into this world”?
-
Yes I did. But now that we have been married almost two years, I think
it is time to discuss the issue seriously, especially after our last
conversation about the unhappy surprises that life keeps in its pack
most of the time, God spare us its evil.
-
Darling, this is the nicest thing I’ve heard in a while.
He said that and drew
some warm kisses on her head which was still lying on his chest, as he
commented:
-
Does that mean that we should get up now and go to bed to start trying?
-
Witty, clown and stupid also? She said so in laughter.
-
What now?
-
Don’t you know how to count?
-
Uff! Yes, it won’t work today, will it?
-
No it won’t, I regret to tell you that you will have to wait a few more
days before you start your attempts to see how “productive” you are.
They laughed together
again, then Fadi remarked hypocritically:
-
Still, we can rehearse since you have not yet entered that “difficult”
period.
-
Possible.
He started sipping
from her lips as much exquisite wine as he could, while taking off her
light clothes, uncovering all the beauty hiding under them, a beauty
beyond all words and descriptions. The angels were standing around them,
dancing and cheering the couple, encouraging them to take out as much
pleasure as they could.
After one hour, during
which ecstasy extinguished the flames of desire that burned them out
more than once, Lina said while catching up her breast:
-
That was magnificent!
-
Indeed!
-
I suppose this exercise would efficient if we repeated it a few more
times in the coming days, don’t you think?
-
No doubt about that…. NO doubt about that at all because; the good
practice contributes to a better quality of procreation.
They laughed a good
deal at the silliness of the last idea until their mouths were shut but
a warm kiss they exchanged to express their mutual gratitude for those
beautiful intimate moments they spent together. Then Fadi said:
-
Sweetheart, tomorrow we are invited to dinner at the Madi family, aren’t
we?
-
Of course!
-
And what will you wear for the occasion?
-
I will put on a long red gown that glitters like your beautiful eyes.
-
Then God help those who will lay eyes upon you tomorrow.
-
Aha?
-
Added beauty! Added magic! Added elegance! This is way beyond anybody’s
ability to bear, be they women or men! Believe me, sometimes while
watching people looking at you with envy and desire, I feel disgusted
and proud in the same time. How about that?!
-
Mmmmmmmm, after a long analysis, my diagnosis for your disease suggests
that you suffer from “jealousy”, “envy” and “selfishness”, all of which
desperate incurable cases.
-
Thanks. I am reassured now, you competent shrink! My advice to you:
stick to painting, it’s your specialty. And don’t you step on other
people’s fields.
-
Didn’t you like my diagnosis, my love? Or have you sensed in it a
reality you’d rather ignore?
-
Neither nor. Just stick to painting and stay away from medicine, ok?
-
Ok, victim of my beauty.
-
Pretentious!
-
Quite rightly!
-
No doubt about that. We will go out to dinner tomorrow in the red
Ferrari?
-
Yes. Fadi, do you remember that we are also invited to another dinner in
two days?
-
Which dinner?
-
The Association’s dinner for 1990. Have you forgotten?
-
Yeah right.
-
We will attend it, won’t we?
-
Of course. I cannot miss such an occasion, you know.
-
Certainly. It’s a charity banquet. I will put on for that occasion a……
mmmmm white dress. What do you think?
-
Great. Then God help those who will have the honor of having you among
them.
-
Cut the crap and let’s go to bed.
-
Do you promise that we start perseverant trials to have a baby after
having waited so long?
-
God willing.
-
God, I am very happy with your decision.
-
Me too. Good night, my love.
-
Good night, sweetheart.
-
They closed their eyes after a long last kiss, and surrendered to
Morpheus.
It was past five P.M.,
hour in which he usually leaves his office. But he was still welcoming
his guests and bidding them farewell relentlessly and without complaint.
The telephone rang; he lifted the handset and said:
-
Hello.
-
Darling, you are late! It’s past 6.30 in the evening!
-
Sorry, sorry sweetie, I got hooked in the work. I will leave right away
and get to you in 30 minutes.
-
Well Fadi, but please drive carefully.
-
And so I will. See you.
He headed home and got
there as soon he promised his wife. After he took his shower and changed
quickly, they rode in the red Ferrari and took off.
Lina was shining
bright that evening with her red dress like ruby. Fadi fascinated the
audience by her side with his tall stature, his good looks and his
eloquent conversation. The dinner was a great occasion where they were
treated with welcome and care. Rather they were the centre of interest
and admiration of all the guests, as they left the sweetest effect on
their hearts by their God-gifted good deeds, beauty, money and prestige.
They came back home
and made love while laughing at the idea of useful practice for
pregnancy. Then they slept like a log.
In the afternoon of
the next day, Fadi was getting ready to leave his office where he had a
pretty hectic day. Then the telephone rang.
He lifted the handset
and said:
-
Hello.
And there was Lina’s
voice asking him in utmost sweetness:
-
Fadi, my love, will you be late today too?
-
I was at the point of leaving. I wouldn’t keep such a beautiful lady
waiting alone and drown myself in silly tasks and occupations as I did
yesterday.
-
Mmmmmm…. You are right. Because he who does so is most certainly an
idiot, isn’t he?
-
Of course, of course, he confirmed laughing.
-
Well, I will be waiting for you.
-
I am only road-distance away from your arms, oops! from the house, God
willing. We will have plenty of time to take a cup of coffee together
before we go out to dinner, OK?
-
OK…
-
By the way sweetie, as long as you will be wearing white, will you
please ask Abou Samir to prepare the white coupé Mercedes? What do you
say?
-
Who says I will wear a white gown?
-
You did, the night before last night, after the rehearsal, have you
forgotten?!
-
Oh my God, that’s true. It completely skipped my mind.
-
Unfortunately, early senility, he said jokingly.
-
What have you said, witty boy?
-
Nothing, nothing. I jut said that it may be early senility.
-
Well I will teach you a lesson as soon as you get here.
-
I long for that my dear. I can’t wait to undergo the sweet torture in
your arms, he said sarcastically.
-
Good “compliment” salesman.
-
Me? compliment salesman?
-
Well-experienced, I would say.
-
God forgive you! I think that the procreation exercises we are doing are
affecting your memory, and making you forget some things.
-
Come on, stop the gossip, hang up and take off. But drive carefully, do
you hear me?
-
I will. Don’t forget Abou Samir. You have to explain to him clearly that
tonight we need the white… coupé… Mercedes… and nothing else. He’s
getting old and he cannot tell the difference between a beast and a
vehicle. He refuses to retire and rest for fear of leaving me alone.
According to him, he never left me since I came into the world, and he
will not do so as long as he still has a little breath in his chest and
a little strength in his body. The strangest thing is that he would not
accept an assistant because, to him, that would be a useless waste of
money. And I do not want to hurt him, so please, make sure, in your own
way, that he understands which car we are talking about; otherwise, you
will find another car waiting for us.
-
Fine, see you.
-
See you sweetheart.
He hung up, held his
briefcase and was about to leave his office when his secretary stopped
him and said:
-
Mr. Fadi, I have a request, if I may.
-
Go ahead.
-
My mother is sick and I have to accompany her to hospital the day after
tomorrow, is that possible?
-
Of course, but what’s wrong with her?
-
We don’t know yet, she has been having stomach pain since a couple of
days. This is why the doctor required some tests.
-
Let Abir replace you the day after tomorrow. I wish a quick recovery to
your mother. Please give her my best, don’t forget.
-
I will, I will. Thank you sir, thank you.
-
You’re welcome Mona. See you.
-
See you, she said before mumbling:
-
God! How charming and attractive this man is. How fortunate is his wife
to have him. God, please, put a guy like him on my way, to love and
marry me. Bestow on me a spouse who, with his love, would take me out of
my humdrum life, and with his money would rescue me from my misery.
This was Mona’s wish
while she was bidding farewell to the man she considered to be the most
handsome of all men, and the centre of attraction among all of them.
Then he disappeared behind the door.
Fadi got in his BMW,
and took off, while he could hear the best wishes of health and long
life from Abdo, the poor guy who waits for him daily in the garage in
quest of a little financial help.
Chapter II
He turned right,
leaving behind the highway, and started going up the mountain’s winding
and narrow roads, full of dangerous curves.
It was rainy, the
roads were slippery, and the long winter night had spread its darkness
everywhere. Fadi was driving all those distances that night towards his
villa resting solemnly and majestically on one of the summits, one among
many others which occupy the summits of that high mountain.
The truck was going
down the mountain towards the coast. Its speed had become out of
control, and its drunk driver was fidgeting and wriggling in his seat
behind the steering wheel, wiggling and dancing with the music that was
loudly coming out of the radio. His concentration was weak and his
thinking numb under the effect of the alcohol. His hand was holding on
the Scotch bottleneck. He had already emptied half of it was already in
his stomach.
On his part, Fadi was
closing up on the same curve, driving with balance and awareness, as his
wife had recommended over the phone in their last conversation.
Fate was standing
there somewhere, measuring the distance between the two vehicles by
meters, by seconds; studying the wind speed, the rain density, the road
width, the visibility average, the efficiency of the vehicles’
headlights, wheels and brakes. It was studying everything and
interfering in everything, even in the type of music that enraptured the
lightheaded driver.
Fate planned it all
and exerted too much effort to guarantee the suitable circumstances and
perfect timing for the accident.
Wasn’t it enough for
the Providence to interfere through the past times and years, to prevent
the occurrence of the inevitable for reasons fate could never
understand, and a wisdom it could never realize?
Yes, those
interventions were enough. It would not allow the surprises to hinder
its mission, once all the elements for a perfect accident gathered.
Therefore, it stood by
that curve, anxious, waiting impatiently that crucial moment, while
counting down:
“Nine, eight, seven,
six, five, four, three, two, one…. Perfect! A most horrible accident!”
After having hit the
car and crashed with its front left wheel the hood and front left corner
of the roof, the truck fell over its right side, closing by the side
fence on the road, breaking through it, and falling off to the deep
valley, carrying away with it the drunk driver to the beyond, with the
bottle of “scotch” in his hand.
The car of Fadi
remained crushed by the right side of the road, and he was in it, facing
the same fate as his vehicle which looked like a gum that has just been
spit after long chewing.
How absurd and
insolent was that mad fate which was in charge of executing the “written
and preset” in such an exaggerated manner most of the times.
It was the soldier
who, upon his superiors’ orders, occupies a piece of enemy land, and
mistreats its unarmed citizens without adding anything to his victory
but the oppression, darkness and evil that he sowed in it.
It was the hangman
who, in the sake of executing the order of whipping somebody, does not
spare any strength in his arm, leaving on the body of the convict the
deepest bleeding marks, the widest bloody scars, to satiate his thirst
for blood, to satisfy his ears’ longing for screams of pain, in the
pretext that he is only executing orders.
It is a hit man
executing the death penalty to an innocent soul, mutilating it, being
“artistic” in killing it, not out of execution of an order as issued,
but rather as an exhausting of the blind anger that fills his chest and
mind.
He holds all the
ugliness and all the beauty. Two faces of the same coin, aiming at
manipulating all life and inertia.
Lina ran short of
reassuring excuses that she was using to sooth her mind. She was torn by
worries and fear of something bad happening to her husband on his way to
her, since it was past 8.30 and he had not yet arrived. She had put on
her makeup and her white dress and sat down to wait for him since more
than two hours that felt like an endless eternity. And she was right to
be worried and scared because something bad did happen to Fadi… and what
a bad thing it is!
She was not aware of
the huge disaster and tormenting storm that occurred.
She was not aware that
all her dreams had gone away in a second and that all her happiness was
destroyed in a blink.
Till the telephone
rang, so she lifted the handset quickly and said impatiently:
-
Hello.
-
Good evening. It is the house of the “Majd’s”?
-
Yes, who is it?
-
I am the operator of the Coast Hospital, ma’am. Who is it on the phone?
-
I….. I am Mrs. Majd…. What … is … it?
-
Are you the wife of Mr. Fadi Majd, ma’am?
-
Yyy…..e.yessss.
-
Your husband is in the hospital following a car accident. He was brought
in a short while ago, and his condition is very serious. Please come
quickly.
-
Very….. serious…. Oh my God…..w…?
Lina had not finished
her sentence but the operator had already hung up to make new calls with
parents of sick and injured people, since the notification list was very
long and full that night, and he had to finish it as soon as possible.
It was out of question to extend the conversation with victims in
general, or to comfort them. The messenger had to notify and that’s all.
He will be excused, won’t he?
Lina ran out of the
house lifting with the tip of her fingers the hem of her long white
dress which was touching the floor, screaming in a choking, trembling
voice:
-
Abou Samir, Abou Samir…. The key…. Where are you? The car key. Where are
you? The key, the key…
The old man appeared
from the back of the garage door running towards her, holding in his
hand a cloth he was using to clean and wax one of the cars. He looked
worried, and the weight of the years was slowing down his pace. He
inquired:
-
What’s wrong, daughter?
-
The key, Abou Samir, come on… the key, hurry up.
-
What’s wrong, daughter? Please tell me. He said that with his hands in
the pockets of his pants, searching for the key of the white coupé.
-
Abou Samir… your beloved Fadi… Oh my goodness, I cannot believe it.
-
What’s wrong with him, ma’am? Speak up, said Abou Samir while handing
her the key.
-
An accident… an accident… and his condition is critical. God have mercy
on us. God have mercy on us.
-
Accident… danger… Fadi? God, spare us! Spare us God!
The car took off like
an arrow, escorted by the prayers of Abou Samir, and the tears on his
cheeks, tears of a man who lived seventy years but maybe has not known a
worse disaster so far. Indeed, Fadi is dearer to his heart than his own
son Samir. There is no doubt about that, and it has always been this
way.
Lina drove past the
crushed car that the Civil defense officers had parked next to the rocks
by the road side, without even noticing it. While still driving, she was
wiping the tears that were running heavily off her eyes, sometimes with
her right hand and some other times with her left hand. Her tears were
almost heavier than the rain that the windscreen wipers were shutting
away every now and then. She reached the hospital in no time and began
running in the lobbies searching for the operation and reanimation rooms
where Fadi was. The sound of her steps in the evening high heels gave to
everyone who heard them a good hint about the race between her and time.
She crossed the big
long hall and reached the big double-door. She dashed towards it and
tried to open it… but it was locked. She knocked … no answer.
She tried once… twice…
thrice with insistently and nervously… no answer…
She turned to go back
to the information desk because she thought she was mistaken about the
road, or room, or both. It was then that she saw a man, all dressed in
white from tip to toe, bringing in a stretcher with a few bed sheets
carefully folded. She ran to him before he got to her.
-
Sir, she asked, is the reanimation and operation rooms behind this door?
-
Yes, ma’am.
-
Is the man who…. being treated behind it?
-
Hmm, the man whose car was hit by the truck?
-
A truck?!
-
Yes, poor guy. He’s devastated. But who are you?
-
Who am I? I am the poor, disaster-stricken wife.
She said that and was
sometimes hitting her cheeks with her palms and some other times pulling
her hair nervously, before she crashed on one of the seats that were
lined up on the two sides of the lobby.
-
I am sorry, ma’am.
-
Are you going into the OR now?
-
Yes.
-
I knocked and they did not open.
-
Didn’t you ring?
-
Ring? Which bell?
-
The one near the door, on the left wall.
-
I didn’t see it, I didn’t see it.
-
Anyway, you cannot enter, he said while ringing the bell.
-
Please, let me enter with you to see him, be it for one minute.
-
Impossible, madam, impossible.
-
Please…
-
Madam… It is strictly forbidden, and I do not advise you to enter even
if you find your way in. His condition is beyond your capacity to
handle. But rest assured, the doctors taking care of him are some of the
best doctors in the country, and they wouldn’t spare an effort to save
him.
-
Oh my God.
-
One of the door sides opened and the nurse entered with his empty
stretcher, without letting Lina go in with him. She crashed on one of
the seats in tears, and the sound of her weeping was echoed by the walls
of that big empty hall, and mixed with screaming sounds from distant
rooms crowded with patients weary from pain and sorrow.
She sat lonely on that
seat for two hours. Nurses out, doctors in, doctors out, nurses in,
doctors and nurses out, doctors and nurses in… but NO ANSWERS!
-
Will he survive?
-
We do not know.
-
Will he die?
-
It is in God’s hands.
-
What do you think, nurse, will he make it? Nurse… nurse...
-
Poor guy, she mumbled while she was pacing away from her.
-
In God’s name I ask you doctor, is there a slight hope for him?
-
I cannot promise you anything, madam; his condition is difficult,
difficult.
Coming in and out, out and
in. Dull faces, sullen faces, pale faces,
fade faces. But no promising faces.
Only a few laughing
faces for a joke shared on the way in or out. Those were the faces of
people to whom the sight of blood has become a tradition and that of
torn bodies a routine.
Their hearts have
become of iron, their feelings of rock and their emotions of cement.
Fadi was hanging
between life and death, in a coma state that lasted six full weeks,
during which the medical views and reports were contradictory.
Once awake, he
underwent many surgeries, and his stay in the hospital lasted eight full
months: eight months of suffering, pain and worry for him, for the ones
around him, and especially for his wife who never left him, and who was
receiving daily a report after another, a diagnosis after another, all
exempt of any bright insight or distant hope, except the promise that
Fadi would live! But how is he going to live? That was the big question.
He went back home with
his wife but he was the shadow of the man he once was, with the
remainder of the health and youth he enjoyed till an early past. He came
with a report, stating the final conclusion and an accurate description
of his condition:
Negative points:
1-
Partial brain damage!
2-
Crashed spinal column!
3-
Dead nervous system!
Positive points:
1-
Vision: sound!
2-
Hearing: sound!
3-
Sense of smell: sound!
4-
Sense of taste: sound!
5-
Brain: sound!
6-
Internal organs: sound!
Results:
-
Paralysis of the whole body.
-
Speech: incomprehensible rattling.
|